إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه logo إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
shape
كلمة مجلس مستودع الأوقاف
4020 مشاهدة print word pdf
line-top
أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

فنقول: إن هذه من واجباتنا جميعا أن نسعى في إصلاح إخواننا المواطنين سيما المستقيمين، وأن لا نشجع المنحرفين.
إذا رأينا أهل المعاصي فلا نشجعهم، ولا نزكيهم ولا نشهد لهم بخير، وهم أهل شر إذا كانوا لا يصلون مع الجماعة، وإذا كانوا يستمعون الأغاني والملاهي في بيوتهم أو في المقاهي أو الاستراحات وما أشبه ذلك، أو كانوا لا يهتمون بتدريس أولادهم للقرآن في المدارس الخيرية فإننا نعرف أن هذا واجب على المواطنين كلهم الفقراء والأغنياء، وأن علينا أن ننشر ذلك في المواطنين كلهم غنيهم وفقيرهم ومتوسطهم، فنبين لهم أن من تمام استقامة المسلم ومن تمام صلاحه وإصلاحه أن يكون محافظا على العبادات، الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة للإخوان المسلمين، وبر الوالدين وصلة الأرحام والإحسان إلى الجوار، والدعوة إلى الله تعالى وغير ذلك من خصال الخير.
وهكذا أيضا نحرص على تطهير المسلمين من المحرمات تطهير ألسنتهم من السب والعيب والقذف والكفر أو السخرية بأهل الإيمان وأهل الصلاح، وتطهير ألسنتهم من الغيبة والنميمة والقذف والعيب والبهتان والكذب والزور وما أشبه ذلك، وتطهير أموالهم من الرشوة والربا والغش في المعاملات والسرقة والنهب والاختلاس والخيانة للأمانات وما أشبه ذلك، وتطهير جوارحهم من سماع الأغاني والنظر إلى الصور والأفلام وما أشبه ذلك، وتطهير جميع مجتمعاتهم، وبذلك نكون حقا من المسلمين المنيبين إلى الله سبحانه وتعالى سواء منا الفقراء الذين مستهم الحاجة، أو الأغنياء الذين أكثر الله لهم من الأموال، أو المتوسطين الذين عندهم سداد وكفاية وعندهم ما يكفيهم، وإن لم يكن عندهم فضل في أموالهم فالجميع عليهم أن يكونوا على حالة الاستقامة.
لا شك أن المعاصي ونحوها قد حرمها الله تعالى، وشدد في تحريمها، ولكن صدورها من الضعفاء ونحوهم يكون أشد إثما، فيقول أو جاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أشيمط زان، وعائل مستكبر، وملك كذاب الأشيمط: يعني شيخ كبير، قد أسن وطعن في السن، ومع ذلك يتعاطى الزنا، وذلك لأنه إذا كبر عادة تضعف دواعي الجماع في حقه، فإذا كبر ومع ذلك أصر على الزنا دل ذلك على خبث طويته، وعلى خبث نيته وخبث عمله، لا شك أن الزنا محرم من الشباب والشيب والكهول ونحوهم، ولكن صدوره من الذي دواعيه ضعيفة يكون أشد إثما.
والعائل المستكبر: هو الفقير الذي لا يجد إلا الكفاية أو أقل من الكفاية، ومع ذلك متكبر، الكبر محرم سواء على الفقير أو على الغني، سواء على الأمير أو المأمور، الكبر هو بطر الحق وغمط الناس، ولكن إذا تكبر الفقراء وشمخوا بأنفسهم، وأظهروا الترفع على بني جنسهم، واحتقروا الآخرين واستهانوا بغيرهم من سائر الناس، ورأوا أولئك الناس صغارا محتقرين كأمثال الذر كان هذا أكبر إثما؛ فلذلك نقول: إننا إذا رأينا المعصية من الفقراء استعظمناها، وقلنا: كيف أن هذا مع ذلك ذو حاجة يتصدق الناس عليه، ومع ذلك يفعل هذه المعاصي؟ لا يجوز لنا أن نشجعه، ولا أن نتصدق عليه.
إذا كان مثلا يشرب الدخان فلا يستحق أن يُتصدق عليه، وكذلك إذا كان يتعاطى مخدرات أو يشرب المسكرات فليس أهلا أن يتصدق عليه؛ فضلا عن كونه يستعمل المحرمات كسماع الأغاني والملاهي، وكذلك إدخال أجهزة الملاهي في منزله، وهكذا أيضا كونه يغتاب الناس ويسخر منهم، ويستضعف غيره ممن هو مثله أو فوقه، وكذلك كونه يغتاب أو ينم، أو يقول فحشا أو يقول إثما أو يرتكب زورا؛ لا صدقة له، ولا يستحق أن يتصدق عليه أيا كانت الصدقة بل يعاقب أو يحرم من الصدقات التي تبرع بها المحسنون؛ لأجل أن تؤتى لذوي الحاجات المستقيمين.

line-bottom